بحث حول التحضر بالجزائر الجزء الأول
منتديات نجوم مسيلة :: منتدى الهندسة المعمارية والعمران :: قسم الكتب ، البحوث ، المذكرات ، والمخططات GTU
صفحة 1 من اصل 1
بحث حول التحضر بالجزائر الجزء الأول
خطة البحث
مقدمة
الفصل الأول
المبحث الأول:مفاهيم
المطلب الأول: مفهوم الظاهرة الحضرية
المطلب الثاني:ماهية المدينة
الفصل الثاني
المبحث الأول: عوامل النمو الحضري
المبحث الثاني: الوظائف الحضرية
المبحث الثالث: مشكلات الحياة الحضرية
الفصل الثالث
المبحث الاول: التحضر والظاهرة الحضرية في الجزائر
المبحث الأول: الخلايا الأولى للنسيج الحضري في الجزائر
المبحث الثاني: مراحل التحضر في الجزائر
المبحث الثالث: إشكالية التحضر في الجزائر
المبحث الرابع: بعض انعكاسات التحضر في الجزائر
الخــاتمة.
قائمة المراجع.
مقدمة
أورث الله سبحانه وتعالى الإنسان على وجه المعمورة ليعيش ويسكن ويتكاثر وينتج وينتظم في إطار مجمع
ذي ملامح مميزة ويرث تراثا متعاقبا ويورث لمن خلفه مورثات ثقافية ومادية,كل هذا في إطار مكاني وزماني وعلى امتداد تاريخ قديم الإنسان وطور حضارته ومكان إقامته, من مسكن قد يكون كهفا أو كوخا,إلى قرية يسكنها عشرات أو مئات وربما آلاف إلى مدن صغيرة ومتوسطة فكبيرة تحوي الملايين من البشر .
وأصبح النمو الحضري من أبرز الظواهر في حضارة الإنسان في العصر الحديث, إذ تزايدت بشكل مريب ومخيف نسبة سكان المدن في العالم ككل.
هذه الظاهرة الحضرية من ابرز الظواهر الحضرية التي أثارت اهتمام الكثير من الاجتماعيين من العلماء الاقتصاديين والجغرافيين على حد السواء, وأسالت الكثير من الحبر في مجال دراسة هذه الظاهرة من مختلف اتجاهاتها لتحليلها بغية التحكم فيها والسيطرة عليها
ولعل الحديث عن الظاهرة الحضرية يعني بالدرجة الأولى الحديث عن المدينة والتمدن باعتبارها معنيات متقاربان ضمنيا
__________________
الفصل الأول
المبحث الأول : المفاهيم
المطلب الأول : ماهية المدينة .
أ- التعريف العددي
ب- التعريف الإداري
ج- التعريف التاريخي
د- التعريف الإيكولوجي
و- التعريف الجمالي
ه- التعريف الاجتماعي
ع -تعاريف تشمل أكثر من معيار
المطلب الثاني : مفهوم الظاهرة الحضرية
الفصل الأول
المبحث الأول : المفاهيم .
المطلب الأول: ماهية المدينة .
لم يتف الباحثون على تعريف محدد للمدينة وان كانت المدينة كمظهر عمراني مألوف يمكن تمييزها عن القرية بوضوح سواء في شكلها المرفلوجي الخارجي أوفي وظائفها أو حتى نموها وتطورها التاريخي ومع ذلك فليس هناك قاعدة محددة يمكن بواسطتها تعريف المدينة,وإن كانت هناك آراء كثيرة قد قيلت في هذا الصدد
وقد أعتمد في ذلك على ظواهر وقواعد مختلفة و فيما يلي نحاول ضبط مجموعة من التعاريف اعتمدت
فيها أساسات مختلفة :
1-التعريف العددي أو الظاهرة الإحصائية): اعتمد الاحصائيون رقم معينا لسكان إذا توفر في مكان ما اصبح مدينة وإذا لم يتوفر فهو قرية ,إلا أنه هناك اختلاف في المقياس من مكان إلى آخر فالأمريكيون مثلا أخذوا سكان المدينة لا يقل عددهم عن 2500 نسمة , في حين أخذت معظم الدول الأوربية بالإضافة إلى تركيا التعريف العددي الذي وضعته فرنسا في عام 1846 و إعترف
المكتب الدولي للإحصاء في عام 1987 وبمقتضاه وضع الحد الأدنى لأي مركز حضري ب2000 نسمة غير ان هذه الأرقام لم تكتسب صفة العالمية كما انه من الصعب أخذ أرقام كمعيار أساسي التعريف لأنه معيار متغير حسب المكان والزمان
2- التعريف الإداري: كثيرا ما تعرف المدينة في دول غرب أوربا تعريفا قانونيا بمعني أن المحلة العمرانية التي تمنح من قبل السلطة الحاكمة مرسوما يعلن فيها أنها مركز حضري هي التي تصبح مدينة,كما تعرف المدينة أيضا بأنها مركز البلدية ,أي نعتمد هنا في تعريف المدن علي أن تنفرد بتركز الإدارة فيها وأن تكون مركز للحكم .
فالتعريف الإداري يتغاضى عن حقيقة أن بعض المدن الشرقية لم تمنح في أي من الأوقات أي مرسوم لإنشائها كما أنه لا يوجد في فرنسا اختلاف إداري ذو معنى.لان كل قرية فرنسية لها سلطتها التي تشبه تماما من حيث الأهمية السلطة الموجودة في المدينة
3- التعريف التاريخي : المدينة ظاهرة تاريخية لذلك يجب ان نرجع الى التاريخ لكي يخلصنا من استبداد الأرقام ,فكثير من المدن اعتبرها التاريخ مدنا علي الرغم من صغر حجمها وانكماش رقعتها في الوقت الحاضر كمدينة شستر في إنجلترا , ومدينة رشيد في مصر .
يركز هذا التعريف علي العلاقات القوية بين الإنسان والبيئة التي يعيش فيها, ومن هنا فان البيئة من صنع الإنسان, و إدخال المكان وبعبارة أخرى فالمدينة تمثل وحدة مكانية منضمة بقوانينها الخاصة وإدخال عامل المكان في تعريف المدينة مضمون له أهمية كبرى, إذ يمكن المرء من التعرف علىالأقسام الوظيفية في المدينة, فيميز مناطق الإسكان القديمة ومناطق صناعية وتجارية وغيرها من الأقسام الوظيفية التي تدخل في تركيب المدينة ونظرا لكون هذه الأقسام متصلة ببعضها فتكون جميعها نظاما خاصا للمدينة,ففي رأي (بورجس ) أن المدينة الغربية تتكون من نطاقات مركزة ومن ثم فيجب أن يصيبه الإيكلوجي اهتمامه علي اكتشاف العلاقات بين هذه الأقسام والأنماط وأن يحاول إيجاد القوانين التي تتحكم في هذه الأنماط
4- التعريف الجمالي: المدينة عبارة عن مظهر إنساني إذ تعتبر قمة التطور لما وصلة اليه العقلية الإنسانية واهم ما حققه الإنسان في مجال توجيه الأرض ولهذا فان تأثير المظهر الخارجي للمدينة علي الإنسان لابد إن يأخذ في الاعتبار عند تعريف المراكز الخضرية,فالمدينة يمكن التعرف عليها في مظهرها العام وشكلها الهندسي والمباني العامة وهذا مع ملاحضة ان وضيفة المدينة تترك أثرها دائما علي شكل المدينة وجوانبه خطتها ومن ثم فالمدينة التاريخية يمكن التعرف عليها من خلال آثارها التذكارية الباقية كالقلاع والحصون .
والمدينة الصناعية يمكن تميزها من مصانعها ومداخنها في حين تتصف المدينة التجارية بمؤسساتها التجارية الكبيرة ومستودعاتها الضخمة وواجهات محلاتها الزجاجية الأنيقة بصفة عامة,وذلك من وجهة نظر الجغرافيا فان المظهر الحضري معيار هام في تعريف المدينة.
5- التعريف الاجتماعي : يلتمس رجال الاجتماع تعريفا للمدينة من وجهة نظر مختلفة تماما عن وجهات النظر السابقة إذ ينظرون ألي المدينة على أنها (عقل وجسم وعادات وتقاليد) وهنا ينصب الاهتمام على طريقة الحياة التي تميز المجموعات البشرية في المدينة والتي تختلف من حيث طريقة حياتها عن المجموعات التي يعيش خارج نطاق حدودها .
ويبدوا هذا الاتجاه واضحا في المقال الذي نشره (لويس ريث) في المجلة الأمريكية للاجتماع سنة1938 تحت عنوان(الحضرية كطريقة للعيش) وفي هذا المقال قد أدخل في اعتبار حجم وكثافة المدينة حيث وصف المدينة بمحلة عمرانية دائمة من أفراد مختلفة اجتماعيا,كبيرة الحجم نسبيا وإذا ما حاولنا أن نختصر هذا التعريف نستطيع أن نقول ان الاختلافات الاجتماعية هي أساس المدينة في نظر رجال الاجتماع اذ أن الكثافة السكانية لها تأثير واضح على وجود الاختلاف بين طريقة حياة السكان في نفس الوقت علي تشجيع وظهور أفكار تكنولوجية جديدة فمع النظام الحضري تتحطم النظم الاجتماعية القديمة لتحل محلها نظما جديدة,إذ تقل الرابطة الاسرية بين أفراد المدينة .
6- تعاريف تشمل أكثر من معيار:نظرا لفشل اتخاذ معيار واحد لتعريف المدينة فقد لجأ الباحثون الي استخدام أكثر من معيار فيذكر (بوبوكH.bobok ) أن المدينة لابد أن تتسم بثلاثة صفات وهي:
أنها عبارة عن محلة عمرانية متكدسة,ذات أهمية نسبية ومركز للحياة الحضرية أما (مانييه ( (maunier) إذ يقول أن المدينة مجتمع كامل قاعدته الجغرافية ترتكز بصفة خاصة على حجم سكانه أو عناصر مكونات أرض, التي تقاس بالمقارنة الى العنصر البشري, وبعبارة أخرى فان هذا التعريف يشير الى إن المدينة محلة عمرانية ذات كثافة سكانية عالية, في نفس الوقت لم يضع حدا أدنى للكثافة السكانية التي يجب أن يكون عليها المركز الحضري .
فالمدينة ليست شيئا محددا تحديدا صارما فهي نقطة تجمع سكانية تتجلى فيها مختلف الضواهر الحضرية.
مفهوم الظاهرة الحضرية
يبدوا انه من الصعب في عصرنا الحالي تعريف فكرة الظاهرة الحضرية تعريفا دقيقا, إلا من ناحية التركيب المرفلوجي ولا من حيث المفهوم ففي الماضي كانت فكرة المدينة تتعارف بشدة مع فكرة الريف خاصة في أوروبا القارية وفي جميع بلدان أسيا الجنوبية والشرقية وشمال أفريقيا أي في جميع أنحاء العالم التي كانت مسرحا لحروب مخربة والتي ما كان بها حكم مركزي محكم التنظيم وتقاليد البناء لمواد صلبة تسودها الحجارة التي ضلت قائمة عبر مراحل التاريخ المتلاحقة كما هو الحال في بعض الإمبراطوريات الهندية في العالم الجديد ما إن ظهر مفهوم التطور التقني والنمو الديموغرافي إلي جانب التغيرات التي طرأت علي شروط المجابهات العسكرية وهي عوامل سارت تمارس تأثيرها الفعال حتى أخذت المدن تمتد إلي خارج أسوارها القديمة يضاف إلي ذلك صفة النقل الحديث التي مكنت من الجمع في بمكان واحد كل الموارد الغذائية الضرورية ولجمع غفير من السكان وكذلك الموارد الأولية المختلفة وازدهار الصناعة فزاد عدد سكان المدن التي تنوعت في إشكال مختلفة لها وسائل نقل جماعية وفردية تزداد تطورا يوما بعد يوم.
فالنمو الحضري هو عملية انبثاق لعالم حديث تسود فيه المدينة وتسيطر عليه أفكار المدينة وينبغي إن نفرق بين العمليتين الرئيسيتين للنمو الحضري وهي: نمو المدينة والتحضر .
فنمو المدينة هو عملية مكانية وديمغرافية تدل علي تزايد أهمية المدن كمناطق تركز سكاني في مجتمع معين , ويحث ذلك عندما يتغير توزيع السكان من ساكني القرى والأرياف إلي ساكني المدن .
إما التحضر من ناحية أخرى فهو عملية اجتماعية تدل علي التغير في العلاقات السلوكية والاجتماعية للمجتمع الذي يعيش داخل المدينة وهذه العملية تشير بالضرورة إلي التغيرات المعقدة والمتشابكة لنمط الحياة التي تترتب علي ساكني المدن.
الفصل الثاني
المبحث الأول : عوامل النمو الحضري
المطلب الأول :الثورة الزراعية وتوفير الغذاء
المطلب الثاني:الثورة الصناعية
المبحث الثاني : الوظائف الحضرية
أ-الوظيفة الإدارية والسياسية
ب- الوظيفة الدينية والثقافية
ج- الوظيفة الصحية والترفيهية
د- الوظيفة الصناعية
ه- الوظيفة التجارية
المبحث الثالث: مشكلات الحياة الحضرية
أ- غذاء المدينة
ب- الامتداد الحضري
ت- طول رحلة العمل اليومية
ث- مشكلة المردود داخل المدن
ج- مشكلة التلوث
ح- مشكلة التخلص من الفضلات
خ- مخلفات المدينة (القمامة)
عوامل النمو الحضري
يمكن إرجاع النمو الحضري الضخم في العالم في العصر الحديث إلى عدة عوامل ولكن أهمها على الإطلاق عاملان نذكرهما في مايلي:
أ- الثورة الزراعية و توفير الغذاء:كان للثورة الزراعية التي شهدها العالم في العصر الحديث دور كبير في نمو المدن القائمة و تضخمها, وقد حدثت هذه الثورة في غرب أوربا قبل أن تشهد الانقلاب الصناعي و التجاري إذ تمثلت الثورة الزراعية في استخدام السماد وأتباع الدورة الزراعية وإدخال أنواع جديدة من المحاصيل واستعمال البذور الجيدة والمختارة وتحسين أنواع الماشية بتربية سلالات الجيدة واستخدام بعض الآلات المستخدمة.
وقد أدي هذا التطور الزراعي الكبير إلى ازدياد غلة الأرض دون الاستعانة بمزيد من الأيدي العاملة في حيث كان عدد السكان في ازدياد متواصل وقد واكب هذا التطور في الزراعة في غرب أوربا أتساع مساحات الأراضي الزراعية في العالم الجديد و أستراليا ونيوزيلندة وجنوب إفريقيا وقد أدى هذا إلى فائض زراعي وفير بدأ بدوره يكون أساساها في التجارة والتبادل, التي اعتمدت هي الأخرى على تقدم وسائل النقل البحري والبري والتقدم في وسائل حفظ الطعام بالتبريد, واستطاعت السفن أن تنقل الغلال الزراعية والمنتجات الحيوانية إلى أي مكان العالم
ولقد أدت هذه الزيادة الضخمة في إنتاج الغذاء وإمكانية نقل الفائض منه إلى مختلف المناطق البعيدة إلى زيادة عدد السكان الأوربيين خلال القرن 19م, مما أدى إلى تزايد إحجام المدن القائمة تزايدا كبيرا, حيث استعمال الآلة في الزراعة إلى جعل أعداد كبيرة من العمال الزراعيين يتجهون نحو المدن لتوفر فرص العمل.
ب-الثورة الصناعية: لم تكن الثورة الزراعية وحدها مسؤولية عن زيادة عدد سكان المدن, بل أدى الانقلاب الصناعي وظهور الآلة البخارية إلى تركز السكان في المدن وساعد على ذلك توطن الصناعة فيها حيث أصبحت مراكز جذب قوي لسكان الريف حيث الأجور العالية وفرص العمل المتوفرة وقد أدى ذلك إلى تزايد سكان المدن على حساب الريف بل أصبح ذلك سمة بارزة من سمات هذا العصر وقد ساعد على ذلك شرايين النقل بين المدن والريف وخاصة خطوط السكك الحديدية التي أدت إلى نشر الصناعة و تقدمها ثم تحسن الأحوال الاقتصادية وتزايد عدد السكان في الريف والحضر وان كانت المدن قد شهدت معدلات نمو عالية أكثر من الريف
ولم تصبح المدن مراكز صناعية فقط بل أصبحت مراكز اقتصادية و اجتماعية تقوم بالكثير من الخدمات لسكانها و سكان الأرياف المجاورة و تركزت هذه الخدمات في مكان معين بالمدينة ومن هذه الخدمات التجارة في الإنتاج الصناعي والزراعي والنقل المحاسبة والتامين الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها وقد أدت هذه العوامل إلى نمو حضري هائل في العالم حتى أن مدن العالم العربي قد نمت خلال الربع الأخير من القرن 19 بمعدل أسرع من أي وقت مضى و كان ذلك التوسع ملحوظ بدرجة أكبر في الو.م.أ
ويمكن الأستدلال على تزايد سكان المدن إذا تتبعنا نسبة سكان الحضر في العالم الحديث فقد أصبح سكان المدن يزيد بمعدلات تفوق كثيرا معدلات النمو السكاني العالمي وقد قدر عدد سكان الحضر في بداية القرن 19 بنحو 22 مليون نسمة فقط وأرتفع ذلك الرقم إلى 700 مليون نسمة في منتصف القرن20 و بمعنى آخر فان أكثر من ربع سكان العالم يعيشون في مراكز عمرانية حضرية
الوظائف الحضرية :
يتجمع السكان في المدينة لممارسة وظائف محددة ومعينة إذ أن الوظيفة في حد ذاتها تعد مبررا لوجود المدينة ونشأتها ,وتتمثل هذه الوظائف في الأنشطة المختلفة التي تقوم بها المدينة والتي تصبغها بصبغة معينة في النهاية تعرف وتشتهر بها بين مختلف المدن الأخرى , كأن تكون في صناعة السيارات
مثل : ترويت أو ميناء مثل:الإسكندرية أو مدينة جامعية مثل:كمبردج أو مدينة الحج (مكة المكرمة)وفيما يأتي ذكر لبعض هذه الوظائف :
1-الوظيفة الإدارية و السياسية: تختلف الوظيفة الإدارية والسياسية للمدينة عن الوظيفة التجارية أو الصناعية أو الثقافية في أنها تخضع لتيار الحكومي وتتجلى فيها الخدمات الإدارية المتعددة ويتم الاختيار
اعتمادا على عوامل كثيرة من بينها موقع متوسط للمدينة في إقليمها ولذلك فإن العواصم يضل دورها رهنا بمشيئة الحكام, ومن هنا فقد تخلق من لا شيء مثل:أنقرة, عمان, برازيلية والواقع أن الكثير من العواصم الحديثة العهد, تحدد اختيارها بالنسبة لموقعها في الدولة, وعلى المستوى العالمي فإن عددا غير قليل من العواصم لا يشغل بالضرورة موقعا متوسط هندسيا في أقطاره, بل تقوم في قلب المناطق المنتجة وفي باريس وبروكسل ولندن وفينا خير مثال على ذلك.
2-الوظيفة الدينية والثقافية: هناك مدن نشأت لأغراض دينية وثقافية وذلك من أجل إقامة الشعائر وتبادل الأفكار والمعارف, فللمدن الدينية قداستها واحترامها حيث أنها تمس الناحية الروحية والعقلية لدى البشر وكثيرا ما تجلب هذه المدن الكثير من الحجاج من بلدان نائية بعيدة فمثلا مكة المكرمة يحج إليها حوالي مليوني نسمة وكذلك إلى بينارس في الهند ما يزيد عن مليون حاج, وكذلك تعد القدس مدينة دينية قديمة تحوي المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله.
والقسم الآخر فهو مدن الجامعات التي تكون فيها الجامعة هي الأصل والكل بمعنى هي المدن التي تخلقها الجامعة كمدينة أكسفورد و كمبرح بانجلترا وابسالا بالسويد ولكن من أكثر أمثلة هذا النوع توجد بالولايات المتحدة الأمريكية مثل : وان (آرثر ann arbor) بميتشغان وهارفارد إذ تصبح الجامعة في هذه المدن محور الحياة الاقتصادية للمدينة فالطلاب هم أغلب سكانها وفصل العطلة هو الفصل الميت في اقتصادها.
2-الوظيفة الصحية والترفيهية : تشترك هاتان الوظيفتان في سيمات وخصائص عمرانية مدينة تجعلها من عائلة وظيفية واحدة هي وظيفة الخدمات, رغم وجود تناقص بينهما فالصحية تقدم خدماتها للمرضي والترفيهية للأصحاء . حيث ظهرت هاتان الوصيفتان في العصر الحديث بعد الانقلاب الصناعي حيث أصبح السكان ينشدون الراحة و الاستجمام وبذلك نشأت المدن الترفيهية وتشترك المدن الصحية والترفيهية بان وظيفتها موسمية ومؤقتة ومن ثم فهي تواجه فصلا ميتا تحاول بان تتغلب عليه بإطاعة موسم العمل وذلك بإغراء الرواد بتفحص تكاليف الأسعار قبل وبعد نهاية الموسم وبدايته.
وتلعب مدن الترفيه دورا ثانويا إضافة إلى وظائفها وذلك لكونها عادة مقر للمؤثرات السياسية مثل: جنيف, سانريموا .
3-الوظيفة الصناعية: ارتبطت الصناعة بالمدن منذ نشأتها فقد شهدت المدن القديمة, قيام صناعات أولية بها مثل: النحاس, الذهب, الفضة.
وتختلف الوظيفة الصناعية عن الوظيفة التجارية للمدن, ذلك لآن الصناعة ليست في أصلها خلاقة للمدن بصفة دائمة, رغم أن هذا الدور مدني هام فكل المدن التي نمت نموا كبيرا في العصر الحديث قد شهدت تنمية صناعية كبيرة لأن الصناعة تقوم معتمدة على المدينة ووسائل المواصلات وتوفر المواد
وغير ذلك, بالإضافة إلى أن هناك ظاهرة هامة في المدن الصناعية وهي أن نجاح صناعة ما بها يغري صناعات أخرى خاصة إذا كانت هذه الصناعات متكاملة مثل:صناعة الحديد و الصلب التي تجذب صناعة مختلفة الآلات والسيارات وعربات السكك الحديدية وغيرها وذلك للاستفادة من مقومات الصناعة الأساسية ومعنى ذلك أن الصناعة تجلب الصناعة وبذلك تنموا المدينة وتتوسع وتتنوع صناعاتها وتتغير مرفلوجيتها وتزداد الخدمات بها.
5-الوظيفة التجارية: تعد الوظيفة التجارية أساسية في حياة المدن ومن الصعب أن نتصور مدينة ما لا يتم فيها نشاط تجاري من أي نوع ولذلك قد اعتبر بعض الباحثين أن التجارة هي أساس تصنيف المدينة وذلك لارتبطا ها بالمدن ارتباطا طاغيا فقد ازدادت أهمية التجارة في حياة المدن مع تقدم الحضارة, وواكب ذلك تقدم كبير في طرق النقل والمواصلات باعتبارها عصب التجارة.
وبعد موقع المدن التجارية من العوامل الجغرافية الرئيسية في نمها وتطورها, وهاهنا يفوق دور الموضع بدرجة كبيرة فلا بد للمدينة التجارية من طريق رئيسي أو ثانوي تقع عليه وعلى هذا الطريق يتحدد الموقع تماما.
ولذلك فالغالبية العظمى من المدن التجارية خدمتها الطرق البرية والسكك الحديدية بعد ذلك,وتتبع الوظيفة التجارية للمدينة أحجاما كبيرة نعكس في النهاية نشاطها أو أهميتها الإقليمية أو العالمية ,ولكن من الصعب في الواقع أن نجد مدينة كبرى تمارس الوظيفة التجارية فحسب بل تجذب إليها الوظائف الأخرى كالوظيفة الإدارية والصناعية ,ومن ثم فمن سماتها الرئيسية هو تعدد الوظائف.
مشكلات الحياة الحضرية
من الجدير بالذكر أن كل مدينة على سطح الأرض تختلف عن المدينة الأخرى اختلافا مميزا في أنماط الحياة الحضرية ولا شك أن التجمع الحضري في مكان واحد يؤدي لا محالة إلا مشكلات منها احتمالات نشر المرض ومشكلات موارد الغذاء والمياه وصعوبة التخلص من مخلفات السكان, وبتزايد أحجام المدن تتزايد بتأكيد حجم هذه المشكلات,إذ تعاني المدن حاليا من كثير من المشاكل الحياتية المرتبطة بالإسكان والتلاؤم الاجتماعي والصحة والأمن والغذاء والتعليم والترفيه وغير ذلك ,وفيما يلي نتعرض لهذه المشكلات بشيء من التفاصيل
1- غذاء المدينة:لقد أدى التطور الحديث في وسائل النقل إلى حصول المدن على احتياجات الغذائية من أماكن بعيدة من العالم دون مشقة وإذا كان ذلك يصعب على دول كثيرة في الدول النامية فإنه يظهر بصور مختلفة في مدن الأقطار المتقدمة على فترات متقطعة بسبب نقص الإنتاج الزراعي أو صعوبة الحصول على فائض من الدول الأخرى بسبب عوامل بيئية كالفيضانات والثلوج وغيرها.
وتعد مشكلة المياه مشكل رئيسي تعاني منه المدن بصفة عامة وذلك مرتبطة بالنقص في المياه العذبة على المستوى العالمي, إذ نسبتها لا تزيد عن 2% فقط من أجمالي الموارد العالمية من المياه والباقي هي مياه البحار والمحيطات
إذ تذكر كثير من الدراسات أن معدلات التزايد في استهلاك المياه في المدن, سواء لاستهلاك السكان أو الصناعة تفوق معدلات النمو السكاني في تلك المدن بنسبة كبيرة, ويبدوا ذلك بوضوح
في الكثير من المدن الصناعية في غرب أوربا مثل:إنجلترا, ألمانيا, التي تواجه مشكلة تلوث المياه بسبب مخلفات الصناعة.
مقدمة
الفصل الأول
المبحث الأول:مفاهيم
المطلب الأول: مفهوم الظاهرة الحضرية
المطلب الثاني:ماهية المدينة
الفصل الثاني
المبحث الأول: عوامل النمو الحضري
المبحث الثاني: الوظائف الحضرية
المبحث الثالث: مشكلات الحياة الحضرية
الفصل الثالث
المبحث الاول: التحضر والظاهرة الحضرية في الجزائر
المبحث الأول: الخلايا الأولى للنسيج الحضري في الجزائر
المبحث الثاني: مراحل التحضر في الجزائر
المبحث الثالث: إشكالية التحضر في الجزائر
المبحث الرابع: بعض انعكاسات التحضر في الجزائر
الخــاتمة.
قائمة المراجع.
مقدمة
أورث الله سبحانه وتعالى الإنسان على وجه المعمورة ليعيش ويسكن ويتكاثر وينتج وينتظم في إطار مجمع
ذي ملامح مميزة ويرث تراثا متعاقبا ويورث لمن خلفه مورثات ثقافية ومادية,كل هذا في إطار مكاني وزماني وعلى امتداد تاريخ قديم الإنسان وطور حضارته ومكان إقامته, من مسكن قد يكون كهفا أو كوخا,إلى قرية يسكنها عشرات أو مئات وربما آلاف إلى مدن صغيرة ومتوسطة فكبيرة تحوي الملايين من البشر .
وأصبح النمو الحضري من أبرز الظواهر في حضارة الإنسان في العصر الحديث, إذ تزايدت بشكل مريب ومخيف نسبة سكان المدن في العالم ككل.
هذه الظاهرة الحضرية من ابرز الظواهر الحضرية التي أثارت اهتمام الكثير من الاجتماعيين من العلماء الاقتصاديين والجغرافيين على حد السواء, وأسالت الكثير من الحبر في مجال دراسة هذه الظاهرة من مختلف اتجاهاتها لتحليلها بغية التحكم فيها والسيطرة عليها
ولعل الحديث عن الظاهرة الحضرية يعني بالدرجة الأولى الحديث عن المدينة والتمدن باعتبارها معنيات متقاربان ضمنيا
__________________
الفصل الأول
المبحث الأول : المفاهيم
المطلب الأول : ماهية المدينة .
أ- التعريف العددي
ب- التعريف الإداري
ج- التعريف التاريخي
د- التعريف الإيكولوجي
و- التعريف الجمالي
ه- التعريف الاجتماعي
ع -تعاريف تشمل أكثر من معيار
المطلب الثاني : مفهوم الظاهرة الحضرية
الفصل الأول
المبحث الأول : المفاهيم .
المطلب الأول: ماهية المدينة .
لم يتف الباحثون على تعريف محدد للمدينة وان كانت المدينة كمظهر عمراني مألوف يمكن تمييزها عن القرية بوضوح سواء في شكلها المرفلوجي الخارجي أوفي وظائفها أو حتى نموها وتطورها التاريخي ومع ذلك فليس هناك قاعدة محددة يمكن بواسطتها تعريف المدينة,وإن كانت هناك آراء كثيرة قد قيلت في هذا الصدد
وقد أعتمد في ذلك على ظواهر وقواعد مختلفة و فيما يلي نحاول ضبط مجموعة من التعاريف اعتمدت
فيها أساسات مختلفة :
1-التعريف العددي أو الظاهرة الإحصائية): اعتمد الاحصائيون رقم معينا لسكان إذا توفر في مكان ما اصبح مدينة وإذا لم يتوفر فهو قرية ,إلا أنه هناك اختلاف في المقياس من مكان إلى آخر فالأمريكيون مثلا أخذوا سكان المدينة لا يقل عددهم عن 2500 نسمة , في حين أخذت معظم الدول الأوربية بالإضافة إلى تركيا التعريف العددي الذي وضعته فرنسا في عام 1846 و إعترف
المكتب الدولي للإحصاء في عام 1987 وبمقتضاه وضع الحد الأدنى لأي مركز حضري ب2000 نسمة غير ان هذه الأرقام لم تكتسب صفة العالمية كما انه من الصعب أخذ أرقام كمعيار أساسي التعريف لأنه معيار متغير حسب المكان والزمان
2- التعريف الإداري: كثيرا ما تعرف المدينة في دول غرب أوربا تعريفا قانونيا بمعني أن المحلة العمرانية التي تمنح من قبل السلطة الحاكمة مرسوما يعلن فيها أنها مركز حضري هي التي تصبح مدينة,كما تعرف المدينة أيضا بأنها مركز البلدية ,أي نعتمد هنا في تعريف المدن علي أن تنفرد بتركز الإدارة فيها وأن تكون مركز للحكم .
فالتعريف الإداري يتغاضى عن حقيقة أن بعض المدن الشرقية لم تمنح في أي من الأوقات أي مرسوم لإنشائها كما أنه لا يوجد في فرنسا اختلاف إداري ذو معنى.لان كل قرية فرنسية لها سلطتها التي تشبه تماما من حيث الأهمية السلطة الموجودة في المدينة
3- التعريف التاريخي : المدينة ظاهرة تاريخية لذلك يجب ان نرجع الى التاريخ لكي يخلصنا من استبداد الأرقام ,فكثير من المدن اعتبرها التاريخ مدنا علي الرغم من صغر حجمها وانكماش رقعتها في الوقت الحاضر كمدينة شستر في إنجلترا , ومدينة رشيد في مصر .
يركز هذا التعريف علي العلاقات القوية بين الإنسان والبيئة التي يعيش فيها, ومن هنا فان البيئة من صنع الإنسان, و إدخال المكان وبعبارة أخرى فالمدينة تمثل وحدة مكانية منضمة بقوانينها الخاصة وإدخال عامل المكان في تعريف المدينة مضمون له أهمية كبرى, إذ يمكن المرء من التعرف علىالأقسام الوظيفية في المدينة, فيميز مناطق الإسكان القديمة ومناطق صناعية وتجارية وغيرها من الأقسام الوظيفية التي تدخل في تركيب المدينة ونظرا لكون هذه الأقسام متصلة ببعضها فتكون جميعها نظاما خاصا للمدينة,ففي رأي (بورجس ) أن المدينة الغربية تتكون من نطاقات مركزة ومن ثم فيجب أن يصيبه الإيكلوجي اهتمامه علي اكتشاف العلاقات بين هذه الأقسام والأنماط وأن يحاول إيجاد القوانين التي تتحكم في هذه الأنماط
4- التعريف الجمالي: المدينة عبارة عن مظهر إنساني إذ تعتبر قمة التطور لما وصلة اليه العقلية الإنسانية واهم ما حققه الإنسان في مجال توجيه الأرض ولهذا فان تأثير المظهر الخارجي للمدينة علي الإنسان لابد إن يأخذ في الاعتبار عند تعريف المراكز الخضرية,فالمدينة يمكن التعرف عليها في مظهرها العام وشكلها الهندسي والمباني العامة وهذا مع ملاحضة ان وضيفة المدينة تترك أثرها دائما علي شكل المدينة وجوانبه خطتها ومن ثم فالمدينة التاريخية يمكن التعرف عليها من خلال آثارها التذكارية الباقية كالقلاع والحصون .
والمدينة الصناعية يمكن تميزها من مصانعها ومداخنها في حين تتصف المدينة التجارية بمؤسساتها التجارية الكبيرة ومستودعاتها الضخمة وواجهات محلاتها الزجاجية الأنيقة بصفة عامة,وذلك من وجهة نظر الجغرافيا فان المظهر الحضري معيار هام في تعريف المدينة.
5- التعريف الاجتماعي : يلتمس رجال الاجتماع تعريفا للمدينة من وجهة نظر مختلفة تماما عن وجهات النظر السابقة إذ ينظرون ألي المدينة على أنها (عقل وجسم وعادات وتقاليد) وهنا ينصب الاهتمام على طريقة الحياة التي تميز المجموعات البشرية في المدينة والتي تختلف من حيث طريقة حياتها عن المجموعات التي يعيش خارج نطاق حدودها .
ويبدوا هذا الاتجاه واضحا في المقال الذي نشره (لويس ريث) في المجلة الأمريكية للاجتماع سنة1938 تحت عنوان(الحضرية كطريقة للعيش) وفي هذا المقال قد أدخل في اعتبار حجم وكثافة المدينة حيث وصف المدينة بمحلة عمرانية دائمة من أفراد مختلفة اجتماعيا,كبيرة الحجم نسبيا وإذا ما حاولنا أن نختصر هذا التعريف نستطيع أن نقول ان الاختلافات الاجتماعية هي أساس المدينة في نظر رجال الاجتماع اذ أن الكثافة السكانية لها تأثير واضح على وجود الاختلاف بين طريقة حياة السكان في نفس الوقت علي تشجيع وظهور أفكار تكنولوجية جديدة فمع النظام الحضري تتحطم النظم الاجتماعية القديمة لتحل محلها نظما جديدة,إذ تقل الرابطة الاسرية بين أفراد المدينة .
6- تعاريف تشمل أكثر من معيار:نظرا لفشل اتخاذ معيار واحد لتعريف المدينة فقد لجأ الباحثون الي استخدام أكثر من معيار فيذكر (بوبوكH.bobok ) أن المدينة لابد أن تتسم بثلاثة صفات وهي:
أنها عبارة عن محلة عمرانية متكدسة,ذات أهمية نسبية ومركز للحياة الحضرية أما (مانييه ( (maunier) إذ يقول أن المدينة مجتمع كامل قاعدته الجغرافية ترتكز بصفة خاصة على حجم سكانه أو عناصر مكونات أرض, التي تقاس بالمقارنة الى العنصر البشري, وبعبارة أخرى فان هذا التعريف يشير الى إن المدينة محلة عمرانية ذات كثافة سكانية عالية, في نفس الوقت لم يضع حدا أدنى للكثافة السكانية التي يجب أن يكون عليها المركز الحضري .
فالمدينة ليست شيئا محددا تحديدا صارما فهي نقطة تجمع سكانية تتجلى فيها مختلف الضواهر الحضرية.
مفهوم الظاهرة الحضرية
يبدوا انه من الصعب في عصرنا الحالي تعريف فكرة الظاهرة الحضرية تعريفا دقيقا, إلا من ناحية التركيب المرفلوجي ولا من حيث المفهوم ففي الماضي كانت فكرة المدينة تتعارف بشدة مع فكرة الريف خاصة في أوروبا القارية وفي جميع بلدان أسيا الجنوبية والشرقية وشمال أفريقيا أي في جميع أنحاء العالم التي كانت مسرحا لحروب مخربة والتي ما كان بها حكم مركزي محكم التنظيم وتقاليد البناء لمواد صلبة تسودها الحجارة التي ضلت قائمة عبر مراحل التاريخ المتلاحقة كما هو الحال في بعض الإمبراطوريات الهندية في العالم الجديد ما إن ظهر مفهوم التطور التقني والنمو الديموغرافي إلي جانب التغيرات التي طرأت علي شروط المجابهات العسكرية وهي عوامل سارت تمارس تأثيرها الفعال حتى أخذت المدن تمتد إلي خارج أسوارها القديمة يضاف إلي ذلك صفة النقل الحديث التي مكنت من الجمع في بمكان واحد كل الموارد الغذائية الضرورية ولجمع غفير من السكان وكذلك الموارد الأولية المختلفة وازدهار الصناعة فزاد عدد سكان المدن التي تنوعت في إشكال مختلفة لها وسائل نقل جماعية وفردية تزداد تطورا يوما بعد يوم.
فالنمو الحضري هو عملية انبثاق لعالم حديث تسود فيه المدينة وتسيطر عليه أفكار المدينة وينبغي إن نفرق بين العمليتين الرئيسيتين للنمو الحضري وهي: نمو المدينة والتحضر .
فنمو المدينة هو عملية مكانية وديمغرافية تدل علي تزايد أهمية المدن كمناطق تركز سكاني في مجتمع معين , ويحث ذلك عندما يتغير توزيع السكان من ساكني القرى والأرياف إلي ساكني المدن .
إما التحضر من ناحية أخرى فهو عملية اجتماعية تدل علي التغير في العلاقات السلوكية والاجتماعية للمجتمع الذي يعيش داخل المدينة وهذه العملية تشير بالضرورة إلي التغيرات المعقدة والمتشابكة لنمط الحياة التي تترتب علي ساكني المدن.
الفصل الثاني
المبحث الأول : عوامل النمو الحضري
المطلب الأول :الثورة الزراعية وتوفير الغذاء
المطلب الثاني:الثورة الصناعية
المبحث الثاني : الوظائف الحضرية
أ-الوظيفة الإدارية والسياسية
ب- الوظيفة الدينية والثقافية
ج- الوظيفة الصحية والترفيهية
د- الوظيفة الصناعية
ه- الوظيفة التجارية
المبحث الثالث: مشكلات الحياة الحضرية
أ- غذاء المدينة
ب- الامتداد الحضري
ت- طول رحلة العمل اليومية
ث- مشكلة المردود داخل المدن
ج- مشكلة التلوث
ح- مشكلة التخلص من الفضلات
خ- مخلفات المدينة (القمامة)
عوامل النمو الحضري
يمكن إرجاع النمو الحضري الضخم في العالم في العصر الحديث إلى عدة عوامل ولكن أهمها على الإطلاق عاملان نذكرهما في مايلي:
أ- الثورة الزراعية و توفير الغذاء:كان للثورة الزراعية التي شهدها العالم في العصر الحديث دور كبير في نمو المدن القائمة و تضخمها, وقد حدثت هذه الثورة في غرب أوربا قبل أن تشهد الانقلاب الصناعي و التجاري إذ تمثلت الثورة الزراعية في استخدام السماد وأتباع الدورة الزراعية وإدخال أنواع جديدة من المحاصيل واستعمال البذور الجيدة والمختارة وتحسين أنواع الماشية بتربية سلالات الجيدة واستخدام بعض الآلات المستخدمة.
وقد أدي هذا التطور الزراعي الكبير إلى ازدياد غلة الأرض دون الاستعانة بمزيد من الأيدي العاملة في حيث كان عدد السكان في ازدياد متواصل وقد واكب هذا التطور في الزراعة في غرب أوربا أتساع مساحات الأراضي الزراعية في العالم الجديد و أستراليا ونيوزيلندة وجنوب إفريقيا وقد أدى هذا إلى فائض زراعي وفير بدأ بدوره يكون أساساها في التجارة والتبادل, التي اعتمدت هي الأخرى على تقدم وسائل النقل البحري والبري والتقدم في وسائل حفظ الطعام بالتبريد, واستطاعت السفن أن تنقل الغلال الزراعية والمنتجات الحيوانية إلى أي مكان العالم
ولقد أدت هذه الزيادة الضخمة في إنتاج الغذاء وإمكانية نقل الفائض منه إلى مختلف المناطق البعيدة إلى زيادة عدد السكان الأوربيين خلال القرن 19م, مما أدى إلى تزايد إحجام المدن القائمة تزايدا كبيرا, حيث استعمال الآلة في الزراعة إلى جعل أعداد كبيرة من العمال الزراعيين يتجهون نحو المدن لتوفر فرص العمل.
ب-الثورة الصناعية: لم تكن الثورة الزراعية وحدها مسؤولية عن زيادة عدد سكان المدن, بل أدى الانقلاب الصناعي وظهور الآلة البخارية إلى تركز السكان في المدن وساعد على ذلك توطن الصناعة فيها حيث أصبحت مراكز جذب قوي لسكان الريف حيث الأجور العالية وفرص العمل المتوفرة وقد أدى ذلك إلى تزايد سكان المدن على حساب الريف بل أصبح ذلك سمة بارزة من سمات هذا العصر وقد ساعد على ذلك شرايين النقل بين المدن والريف وخاصة خطوط السكك الحديدية التي أدت إلى نشر الصناعة و تقدمها ثم تحسن الأحوال الاقتصادية وتزايد عدد السكان في الريف والحضر وان كانت المدن قد شهدت معدلات نمو عالية أكثر من الريف
ولم تصبح المدن مراكز صناعية فقط بل أصبحت مراكز اقتصادية و اجتماعية تقوم بالكثير من الخدمات لسكانها و سكان الأرياف المجاورة و تركزت هذه الخدمات في مكان معين بالمدينة ومن هذه الخدمات التجارة في الإنتاج الصناعي والزراعي والنقل المحاسبة والتامين الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها وقد أدت هذه العوامل إلى نمو حضري هائل في العالم حتى أن مدن العالم العربي قد نمت خلال الربع الأخير من القرن 19 بمعدل أسرع من أي وقت مضى و كان ذلك التوسع ملحوظ بدرجة أكبر في الو.م.أ
ويمكن الأستدلال على تزايد سكان المدن إذا تتبعنا نسبة سكان الحضر في العالم الحديث فقد أصبح سكان المدن يزيد بمعدلات تفوق كثيرا معدلات النمو السكاني العالمي وقد قدر عدد سكان الحضر في بداية القرن 19 بنحو 22 مليون نسمة فقط وأرتفع ذلك الرقم إلى 700 مليون نسمة في منتصف القرن20 و بمعنى آخر فان أكثر من ربع سكان العالم يعيشون في مراكز عمرانية حضرية
الوظائف الحضرية :
يتجمع السكان في المدينة لممارسة وظائف محددة ومعينة إذ أن الوظيفة في حد ذاتها تعد مبررا لوجود المدينة ونشأتها ,وتتمثل هذه الوظائف في الأنشطة المختلفة التي تقوم بها المدينة والتي تصبغها بصبغة معينة في النهاية تعرف وتشتهر بها بين مختلف المدن الأخرى , كأن تكون في صناعة السيارات
مثل : ترويت أو ميناء مثل:الإسكندرية أو مدينة جامعية مثل:كمبردج أو مدينة الحج (مكة المكرمة)وفيما يأتي ذكر لبعض هذه الوظائف :
1-الوظيفة الإدارية و السياسية: تختلف الوظيفة الإدارية والسياسية للمدينة عن الوظيفة التجارية أو الصناعية أو الثقافية في أنها تخضع لتيار الحكومي وتتجلى فيها الخدمات الإدارية المتعددة ويتم الاختيار
اعتمادا على عوامل كثيرة من بينها موقع متوسط للمدينة في إقليمها ولذلك فإن العواصم يضل دورها رهنا بمشيئة الحكام, ومن هنا فقد تخلق من لا شيء مثل:أنقرة, عمان, برازيلية والواقع أن الكثير من العواصم الحديثة العهد, تحدد اختيارها بالنسبة لموقعها في الدولة, وعلى المستوى العالمي فإن عددا غير قليل من العواصم لا يشغل بالضرورة موقعا متوسط هندسيا في أقطاره, بل تقوم في قلب المناطق المنتجة وفي باريس وبروكسل ولندن وفينا خير مثال على ذلك.
2-الوظيفة الدينية والثقافية: هناك مدن نشأت لأغراض دينية وثقافية وذلك من أجل إقامة الشعائر وتبادل الأفكار والمعارف, فللمدن الدينية قداستها واحترامها حيث أنها تمس الناحية الروحية والعقلية لدى البشر وكثيرا ما تجلب هذه المدن الكثير من الحجاج من بلدان نائية بعيدة فمثلا مكة المكرمة يحج إليها حوالي مليوني نسمة وكذلك إلى بينارس في الهند ما يزيد عن مليون حاج, وكذلك تعد القدس مدينة دينية قديمة تحوي المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله.
والقسم الآخر فهو مدن الجامعات التي تكون فيها الجامعة هي الأصل والكل بمعنى هي المدن التي تخلقها الجامعة كمدينة أكسفورد و كمبرح بانجلترا وابسالا بالسويد ولكن من أكثر أمثلة هذا النوع توجد بالولايات المتحدة الأمريكية مثل : وان (آرثر ann arbor) بميتشغان وهارفارد إذ تصبح الجامعة في هذه المدن محور الحياة الاقتصادية للمدينة فالطلاب هم أغلب سكانها وفصل العطلة هو الفصل الميت في اقتصادها.
2-الوظيفة الصحية والترفيهية : تشترك هاتان الوظيفتان في سيمات وخصائص عمرانية مدينة تجعلها من عائلة وظيفية واحدة هي وظيفة الخدمات, رغم وجود تناقص بينهما فالصحية تقدم خدماتها للمرضي والترفيهية للأصحاء . حيث ظهرت هاتان الوصيفتان في العصر الحديث بعد الانقلاب الصناعي حيث أصبح السكان ينشدون الراحة و الاستجمام وبذلك نشأت المدن الترفيهية وتشترك المدن الصحية والترفيهية بان وظيفتها موسمية ومؤقتة ومن ثم فهي تواجه فصلا ميتا تحاول بان تتغلب عليه بإطاعة موسم العمل وذلك بإغراء الرواد بتفحص تكاليف الأسعار قبل وبعد نهاية الموسم وبدايته.
وتلعب مدن الترفيه دورا ثانويا إضافة إلى وظائفها وذلك لكونها عادة مقر للمؤثرات السياسية مثل: جنيف, سانريموا .
3-الوظيفة الصناعية: ارتبطت الصناعة بالمدن منذ نشأتها فقد شهدت المدن القديمة, قيام صناعات أولية بها مثل: النحاس, الذهب, الفضة.
وتختلف الوظيفة الصناعية عن الوظيفة التجارية للمدن, ذلك لآن الصناعة ليست في أصلها خلاقة للمدن بصفة دائمة, رغم أن هذا الدور مدني هام فكل المدن التي نمت نموا كبيرا في العصر الحديث قد شهدت تنمية صناعية كبيرة لأن الصناعة تقوم معتمدة على المدينة ووسائل المواصلات وتوفر المواد
وغير ذلك, بالإضافة إلى أن هناك ظاهرة هامة في المدن الصناعية وهي أن نجاح صناعة ما بها يغري صناعات أخرى خاصة إذا كانت هذه الصناعات متكاملة مثل:صناعة الحديد و الصلب التي تجذب صناعة مختلفة الآلات والسيارات وعربات السكك الحديدية وغيرها وذلك للاستفادة من مقومات الصناعة الأساسية ومعنى ذلك أن الصناعة تجلب الصناعة وبذلك تنموا المدينة وتتوسع وتتنوع صناعاتها وتتغير مرفلوجيتها وتزداد الخدمات بها.
5-الوظيفة التجارية: تعد الوظيفة التجارية أساسية في حياة المدن ومن الصعب أن نتصور مدينة ما لا يتم فيها نشاط تجاري من أي نوع ولذلك قد اعتبر بعض الباحثين أن التجارة هي أساس تصنيف المدينة وذلك لارتبطا ها بالمدن ارتباطا طاغيا فقد ازدادت أهمية التجارة في حياة المدن مع تقدم الحضارة, وواكب ذلك تقدم كبير في طرق النقل والمواصلات باعتبارها عصب التجارة.
وبعد موقع المدن التجارية من العوامل الجغرافية الرئيسية في نمها وتطورها, وهاهنا يفوق دور الموضع بدرجة كبيرة فلا بد للمدينة التجارية من طريق رئيسي أو ثانوي تقع عليه وعلى هذا الطريق يتحدد الموقع تماما.
ولذلك فالغالبية العظمى من المدن التجارية خدمتها الطرق البرية والسكك الحديدية بعد ذلك,وتتبع الوظيفة التجارية للمدينة أحجاما كبيرة نعكس في النهاية نشاطها أو أهميتها الإقليمية أو العالمية ,ولكن من الصعب في الواقع أن نجد مدينة كبرى تمارس الوظيفة التجارية فحسب بل تجذب إليها الوظائف الأخرى كالوظيفة الإدارية والصناعية ,ومن ثم فمن سماتها الرئيسية هو تعدد الوظائف.
مشكلات الحياة الحضرية
من الجدير بالذكر أن كل مدينة على سطح الأرض تختلف عن المدينة الأخرى اختلافا مميزا في أنماط الحياة الحضرية ولا شك أن التجمع الحضري في مكان واحد يؤدي لا محالة إلا مشكلات منها احتمالات نشر المرض ومشكلات موارد الغذاء والمياه وصعوبة التخلص من مخلفات السكان, وبتزايد أحجام المدن تتزايد بتأكيد حجم هذه المشكلات,إذ تعاني المدن حاليا من كثير من المشاكل الحياتية المرتبطة بالإسكان والتلاؤم الاجتماعي والصحة والأمن والغذاء والتعليم والترفيه وغير ذلك ,وفيما يلي نتعرض لهذه المشكلات بشيء من التفاصيل
1- غذاء المدينة:لقد أدى التطور الحديث في وسائل النقل إلى حصول المدن على احتياجات الغذائية من أماكن بعيدة من العالم دون مشقة وإذا كان ذلك يصعب على دول كثيرة في الدول النامية فإنه يظهر بصور مختلفة في مدن الأقطار المتقدمة على فترات متقطعة بسبب نقص الإنتاج الزراعي أو صعوبة الحصول على فائض من الدول الأخرى بسبب عوامل بيئية كالفيضانات والثلوج وغيرها.
وتعد مشكلة المياه مشكل رئيسي تعاني منه المدن بصفة عامة وذلك مرتبطة بالنقص في المياه العذبة على المستوى العالمي, إذ نسبتها لا تزيد عن 2% فقط من أجمالي الموارد العالمية من المياه والباقي هي مياه البحار والمحيطات
إذ تذكر كثير من الدراسات أن معدلات التزايد في استهلاك المياه في المدن, سواء لاستهلاك السكان أو الصناعة تفوق معدلات النمو السكاني في تلك المدن بنسبة كبيرة, ويبدوا ذلك بوضوح
في الكثير من المدن الصناعية في غرب أوربا مثل:إنجلترا, ألمانيا, التي تواجه مشكلة تلوث المياه بسبب مخلفات الصناعة.
admin- المدير العام
- عدد المساهمات : 1183
نقاط : 8980
تاريخ التسجيل : 18/05/2009
العمر : 35
الموقع : stars28.yoo7.com
الاوسمة
مشرف: مشرف عام
مراقب: 500
المشرفون: 100
مواضيع مماثلة
» بحث حول التحضر بالجزائر الجزء الثاني
» قصص القرآن الجزء الأول للدكتور عمرو خالد
» مسلسل وادي الذئاب الجزء الأول مشاهدة جميع الحلقات
» تحميل مسلسل الدالي الجزء الأول بجودة جميع الحلقا ت كاملة
» نظم هندسة الاتصالات -الجزء الاول-اسس ومبادئ
» قصص القرآن الجزء الأول للدكتور عمرو خالد
» مسلسل وادي الذئاب الجزء الأول مشاهدة جميع الحلقات
» تحميل مسلسل الدالي الجزء الأول بجودة جميع الحلقا ت كاملة
» نظم هندسة الاتصالات -الجزء الاول-اسس ومبادئ
منتديات نجوم مسيلة :: منتدى الهندسة المعمارية والعمران :: قسم الكتب ، البحوث ، المذكرات ، والمخططات GTU
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى