تدريب القوة والتكيف العصبي
منتديات نجوم مسيلة :: منتدى علوم وتقنيات النشاطات البدنية والرياضية :: قسم التربية البدنية والرياضية
صفحة 1 من اصل 1
تدريب القوة والتكيف العصبي
المقدمة:
تُعرّف القوة عادةً بأنها القوة التي ينتجها أقصى حد من الفعل العضلي الإرادي، وفي المختبر الفسيولوجي يتم قياس القوة بجهاز الدينامومتر(جهاز قياس القوة)، فإذا أردنا أن نختبر القوة، يقوم الشخص ببذل أقصى حد من الجهد أمام جهاز الدينامومتر إذ يقوم هذا الجهاز بتسجيل مقدار القوة المنتجة بواسطة الفعل العضلي الإرادي المبذول.
ويمكن أن تقاس القوة تحت ثلاثة ظروف رئيسة هي:
1- الأفعال التي لا يوجد فيها حركة: في مثل هذه الأفعال التي تسمى الحركات الايزومترية (الثابتة) وفيها لا يتغير طول العضلات التي تشترك في أداء الحركة.
2- الأفعال التي يقصر فيها طول العضلات التي تنتج الحركة: وتسمى أفعال ايزوتونية (متحركة) أو حركات مركزية (كونسنتريك).
3- الأفعال التي تطول فيها العضلات التي تنتج الحركة وتسمى ايزوتونية (متحركة) أو حركات لا مركزية (اكسنتريك).
وفي الحركات المركزية واللامركزية يمكن قياس القوة بسرعات مختلفة.
إن قوة الفعل الإرادي الأقصى تعتمد بشكل رئيسي على مقدار القوة التي تولدها العضلات التي تعتمد بدورها وبشكل رئيس على حجم العضلات، بحيث إن الشخص الذي يمتلك عضلات اكبر يكون قادر على إنتاج قوة اكبر في اختبار القوة، فإذا أريد زيادة القوة لتحسين الإنجاز في فعالية رياضية ما فيجب استخدام تدريب القوة (التدريب بالأثقال على سبيل المثال) من اجل زيادة الكتلة العضلية وبالتالي زيادة القوة.
وبما أن القوة تتحدد بشكل رئيسي بحجم العضلات فإن السيطرة على العضلات بواسطة الجهاز العصبي تتحسن أيضا، فمن اجل إنتاج أقصى حد من قوة الحركة الإرادية يجب أن يكون الجهاز العصبي قادراً بشكل كامل على تحفيز العضلات، وفي الحركات الأكثر تعقيدا فإن الجهاز العصبي يواجه أيضا تحدي تنسيق تحفيز المجموعات العضلية أو العضلات ضمن المجوعة العضلية، وعليه فإن الشخص عندما يخضع لبرنامج تدريب قوة فإنه سيحصل على التكيف (اثر التدريب) في كل من العضلات (زيادة حجم العضلات) وفي الجهاز العصبي (تحسن التحفيز وتنسيق العضلات).
وأخيرا فإن الجهاز العصبي من اجل أن يسيطر على العضلات بشكل منسق يعتمد على سرعة الحركة ونوع الحركة فيما إذا كانت حركة ايزومترية (ثابتة)، أو (متحركة، مركزية أو لامركزية). وهنا سنتناول اثر تدريب القوة في قدرة الجهاز العصبي لتحفيز وتنسيق العضلات، ويسمى اثر التدريب على الجهاز العصبي بالتكيف العصبي .
التحفيز العضلي:
تتألف العضلة من آلاف الخلايا أو الألياف العضلية . فعضلة مثل (العضلة ذات الرأسين العضدية) في أعلى الذراع يمكن أن تحتوي على (300.000) ليف عضلي تقريبا، وجميع هذه الألياف العضلية يجب أن يتم السيطرة عليها من قِبل الجهاز العصبي ، ويتم ذلك بالطريقة التالية:
كل عضلة مزودة بمجموعة من الخلايا العصبية الحركية التي تسمى أعصاب حركية، للعصب الحركي جسم خلوي يكمن في الحبل الشوكي وليف عصبي يمتد من الحبل الشوكي إلى العضلة، إذ يتفرع هذا الليف العصبي داخل العضلة إلى مئات المرات وينتهي كل فرع في ليف عضلي، وبهذا الشكل يزود كل ليف عصبي حركي مئات من الألياف العضلية. مثلا إذا كانت العضلة (ثنائية الرؤوس العضدية) تحتوي على (300.000) ليف عضلي فإنها تتزود بـ (600) عصب حركي كل عصب حركي يزود بـ (500) ليف عضلي تقريبا.
ان مجموعة الأعصاب الحركية التي تزود عضلة ما تسمى في بعض الأحيان بالحزمة الحركية، أما العصب الحركي الواحد مع الألياف العضلية التي يزودها فيطلق عليه (الوحدة الحركية)، وهكذا فإن نموذج العضلة ثنائية الرؤوس يتألف من (600) وحدة حركية.
إن الوحدة الحركية هي الوحدة الوظيفية الأساسية للعضلة، فإذا كان المطلوب قوة صغيرة عندها سيتم تحفيز وحدات حركية قليلة، أما إذا كان المطلوب قوة اكبر عندها سيتم تحفيز وحدات حركية أكثر … وهكذا، إذ أنه كلما كانت القوة العضلية المطلوبة لرفع ثقل اكبر يتم تحفيز (تعزيز) وحدات حركية أكثر، وإن عدد الوحدات الحركية التي يتم تحفيزها يتحدد بمدى الإثارة من خلال مراكز اكبر من أجسام خلايا الأعصاب الحركية في الحبل الشوكي، مقدار هذه الإثارة يُحدد بدوره بواسطة مدى الجهد الإرادي .
إن الوحدات الحركية للعضلة يتم تحفيزها بشكل عام بأمر متعلق بالحجم (الحجم هنا يشير إلى حجم أجسام خلايا العصب الحركي). في الفعل العضلي الذي تتزايد فيه القوة من الصفر إلى الحد الأقصى فإن الأعصاب الحركية سوف يتم تحفيزها بالأمر من الصغير إلى الكبير.
وبما أن الأعصاب الحركية الصغيرة تحتاج إلى جهد اقل من اجل أن تتحفز فإنها سوف تتحفز أولا، فإذا كانت القوة المطلوبة صغيرة والجهد ضعيف فإنها ستتحفز لوحدها أما الجهد الإرادي الأقصى فإنه يكون ضروري لإثارة الأعصاب الحركية الأكبر .
إن إنتاج أقصى حد من القوة يتطلب تحفيز الوحدات الحركية جميعها، وفي بعض الحالات فإن التحفيز الكامل يكون أمراً صعبا لدى الأشخاص الذين لا يمارسون التدريب الرياضي، على سبيل المثال فإن تحفيز جميع الوحدات الحركية عند تحريك كلا الساقين أو الذراعين معا في الاتجاه نفسه يكون أصعب من تحريك ساق أو ذراع واحدة، لكن التدريب بواسطة الحركات الجانبية يمكن ان يساعد في التغلب على هذا العجز في تحريك كلا الجانبين من الأطراف، وبشكل خاص فإنه من الصعب تحقيق تحفيز كامل في الحركات الايزومترية (الثابتة) والحركات اللامركزية (المتحركة) إذ إن الظروف الميكانيكية تؤثر في ذلك بشكل كبير جدا، وتبين البحوث أن بعض أشكال الكبح يمكن أن تحد من حدوث التحفيز الكامل تحت هذه الظروف، من ناحية أخرى فإن تدريب القوة يمكن أن يسمح بالتغلب على الكبح بحيث أن الوحدات الحركية جميعها يمكن أن يتم تحفيزها.
معدل استجابة الوحدات الحركية:
بالإضافة إلى تحفيز الوحدة الحركية فإن هناك طريقة ثانية يسيطر من خلالها الجهاز العصبي على القوة التي تنتجها العضلة، إذ أن الجهاز العصبي يمكن أن ينظم القوة التي ينتجها كل ليف عضلي من خلال تعديل معدل استجابة الليف، يثير العصب الحركي أليافه العضلية من خلال إيصال الإشارات العصبية (السيّالات العصبية) عبر الليف والفروع العصبية المتفرعة منه، عندما تصل الإشارة العصبية نهاية الفرع العصبي فإنها تسبب مرسل عصبي يُطلق عند ارتباط نهاية الليف العصبي بالليف العضلي، هذه المرسلة العصبية تسبب نقل عضلي كامن يبدأ في نقطة الارتباط هذه ثم ينتقل هذا الفعل الكامن إلى نهايتي الليف العضلي وهذا الفعل الكامن يسبب انقباض العضلة.
إن قوة الانقباض العضلي لليف العضلي يعتمد على عدد الإشارات العصبية في الثانية التي يستقبلها من الليف العصبي الحركي، ومن ناحية العصب الحركي فإن عدد الإشارات العصبية التي يطلقها في الثانية تسمى (معدل الاستجابة)، بشكل عام كلما زاد معدل استجابة الوحدة الحركية كلما زاد من القوة التي تنتجها الألياف العضلية.
فإذا أطلق العصب الحركي إشارة واحدة فسيكون هناك انقباض عضلي قليل وبالتالي تكون القوة الناتجة صغيرة، من ناحية أخرى فإن العصب الحركي إذا أطلق (50-60) إشارة في الثانية فإن الانقباض العضلي سيؤدي إلى إنتاج قوة كبيرة.
إن الوحدة الحركية الأنموذجية تمتلك معدل استجابة يمثل (5-50) إشارة في الثانية والذي يمكن أن يوفر معدل عشرة أضعاف ناتج القوة، وهكذا فإن الجهاز العصبي يمكن أن ينظم القوة من خلال تعديل القوة التي تنتجها كل وحدة حركية بالإضافة إلى انه ينظم القوة من خلال تعديل عدد الوحدات الحركية المحفزة.
في الجهد الواطئ فإن هناك انقباضات قليلة ووحدات حركية قليلة سوف تتحفز بمعدلات واطئة تقريبا، أما الانقباضات الأقوى فإنها تتطلب تحفيز وحدات حركية أكثر وزيادة في معدل استجابة هذه الوحدات الحركية.
لقد أشرنا مسبقاً أن الأشخاص الذين لم يمارسوا التدريب الرياضي يجدون صعوبة في تحفيز جميع الوحدات الحركية عند بذل أقصى جهد إرادي بشكل خاص فإن الوحدات الحركية ذات الأجسام الخلوية الأكبر تكون هي الأصعب في التحفيز كما أن من الصعب جعل الوحدات الحركية الأكبر تصل إلى أقصى معدلات استجابتها، لكن بالتدريب يمكن التغلب على هذه الصعوبة ويكون بالإمكان إنتاج قوة اكبر.
إن الجهاز العصبي لا ينظم مقدار القوة الناتجة فحسب بل يعدل معدلات استجابة الوحدة الحركية أيضاً كما انه ينظم المعدل الذي تنتج به القوة، عندما تستلزم القوة المطلوبة إنتاج قوة بشكل سريع جدا (مثل القفز أو الرمي) فإن الجهاز العصبي سيثير الأعصاب الحركية لتستجيب بوقت قصير بمعدلات عالية جدا، مثلا يمكن للوحدة الحركية أن تحقق أقصى حد من القوة بمعدل استجابة مقداره (50) إشارة في الثانية لكن لتحقيق هذه القوة بأسرع وقت ممكن فإن معدل الاستجابة الابتدائي يكون (100) إشارة في الثانية.
إن التدريب الذي يؤكد على أداء حركات سريعة يمكن أن يطور القدرة (القوة والسرعة) على استجابة الوحدات الحركية بمعدلات عالية جدا وبهذه الطريقة يزيد معدل تطور القوة، وفي تدريب القوة يجب ملاحظة سرعة استجابة التدريب، فالتدريب الذي يؤكد على إنتاج قوة سريعة يميل إلى زيادة سرعة القوة الناتجة (القوة المميزة بالسرعة)، في حين إن التدريب الذي تكون فيه الحركات بطيئة ينبغي أن يزيد القوة واطئة السرعة.
التنسيق العضلي:
يتطلب إنجاز القوة القصوى التحفيز الأقصى للعضلات إذ يجب أن تكون عمل العضلات منسق بشكل فعال، ويتحقق التنسيق الفعال بين المجموعة العضلية بين العضلات ضمن المجموعة العضلية وحتى بين الوحدات الحركية ضمن العضلة الواحدة.
واعتماداً على الحركة فإنه يمكن أن تحفز بعض المجاميع العضلية وبعض العضلات ضمن مجموعة عضلية وبعض الوحدات الحركية ضمن العضلة، على سبيل المثال تستخدم ثلاث عضلات (العضلة ثنائية الرؤوس) و(العضلة العضدية) و(العضلة العضدية الكعبرية) لثني المرفق إذ يتأثر تحفيز العضلة ثنائية الرؤوس والعضلة العضدية الكعبرية بوضع الساعد، وفي الحد الأقصى من الجهد فإن العضلة العضدية الكعبرية تكون الأنشط في الوضع الوسط بين الكـب والبطح، في حين إن العضلة ثنائية الرؤوس تكون هي الأنشط في وضع البطح، يمكن ملاحظة إن الجهاز العصبي يجب أن ينسق العضلات التي تثني المرفق بشكل ملفت في تمرين الكيرل (Curl exercise) اعتمادا على وضع الساعد، وهذا يؤثر أيضاً على استجابة التدريب من حيث تعزيز أنموذج التحفيز الخاص وفي زيادة حجم العضلة.
أما بالنسبة للعضلات التي يمكن أن تشترك في أكثر من مهمة فإن بعض الوحدات الحركية ضمن العضلات يمكن أن تحفز لمهمة معينة، مثلا العضلة (ثنائية الرؤوس العضدية) يمكن أن تشترك في ثني المرفق وفي بطح الساعد، وفي الثني فإن الوحدات الحركية التي تقع أليافها العضلية في الجزء الجانبي من الرأس الطولي للعضلة (ثنائية الرؤوس) هي التي تتحفز، أما في البطح فإن (الوحدات الحركية) التي تقع في الجزء الوسط هي التي تتحفز.
إن الزيادة في القوة تكون خاصة لنموذج حركة تمرين التدريب، مثلا إذا تدرب شخص لمدة (8 أسابيع) باستخدام تمرين رفع الثقل من وضع القرفصاء فإن القوة تزيد بنسبة (75%) في أداء هذا التمرين (القرفصاء). وعلى العكس فإن اختبار قوة الساق باستخدام حركة غير مألوفة مثل مد الركبة الايزومتري يمكن أن يؤدي إلى تحسن قليل جدا وربما قد لا يحدث أي تحسن.
إذ أنه كلما كانت الحركة الرياضية مماثلة أكثر للحركة الايزومترية عندها سيكون هناك نتائج جيدة من ثمار التدريب.
إن خصوصية نموذج الحركة يتضمن أهمية جعل تمارين التدريب مماثلة قدر الإمكان للحركات الرياضية.
أهمية التكيف العصبي:
إن العضلات الكبيرة لرافعي الأثقال ولاعبي بناء الأجسام هي شاهد على أهمية التكيف العضلي في الاستجابة إلى تدريب القوة، العامل المهم الآخر هو على الرغم من عدم القدرة على رؤيته هو التكيف العصبي الذي ناقشناه، في المرحلة المبكرة من برنامج تدريب القوة فإن (التكيفات العصبية) تظهر كلما تعلم المدرب التحفيز الكامل والتناسق للعضلات، ومن ثم فإن زيادة حجم العضلات يظهر كتكيف رئيس، وفي المراحل المتقدمة من التدريب يصبح من الصعب زيادة الكتلة العضلية وبالتالي القوة، في هذه المرحلة فإن بعض المتدربين يلجئون إلى تناول مواد بنائية (المنشطات) لإضافة المزيد من الحجم للعضلة.
تُعرّف القوة عادةً بأنها القوة التي ينتجها أقصى حد من الفعل العضلي الإرادي، وفي المختبر الفسيولوجي يتم قياس القوة بجهاز الدينامومتر(جهاز قياس القوة)، فإذا أردنا أن نختبر القوة، يقوم الشخص ببذل أقصى حد من الجهد أمام جهاز الدينامومتر إذ يقوم هذا الجهاز بتسجيل مقدار القوة المنتجة بواسطة الفعل العضلي الإرادي المبذول.
ويمكن أن تقاس القوة تحت ثلاثة ظروف رئيسة هي:
1- الأفعال التي لا يوجد فيها حركة: في مثل هذه الأفعال التي تسمى الحركات الايزومترية (الثابتة) وفيها لا يتغير طول العضلات التي تشترك في أداء الحركة.
2- الأفعال التي يقصر فيها طول العضلات التي تنتج الحركة: وتسمى أفعال ايزوتونية (متحركة) أو حركات مركزية (كونسنتريك).
3- الأفعال التي تطول فيها العضلات التي تنتج الحركة وتسمى ايزوتونية (متحركة) أو حركات لا مركزية (اكسنتريك).
وفي الحركات المركزية واللامركزية يمكن قياس القوة بسرعات مختلفة.
إن قوة الفعل الإرادي الأقصى تعتمد بشكل رئيسي على مقدار القوة التي تولدها العضلات التي تعتمد بدورها وبشكل رئيس على حجم العضلات، بحيث إن الشخص الذي يمتلك عضلات اكبر يكون قادر على إنتاج قوة اكبر في اختبار القوة، فإذا أريد زيادة القوة لتحسين الإنجاز في فعالية رياضية ما فيجب استخدام تدريب القوة (التدريب بالأثقال على سبيل المثال) من اجل زيادة الكتلة العضلية وبالتالي زيادة القوة.
وبما أن القوة تتحدد بشكل رئيسي بحجم العضلات فإن السيطرة على العضلات بواسطة الجهاز العصبي تتحسن أيضا، فمن اجل إنتاج أقصى حد من قوة الحركة الإرادية يجب أن يكون الجهاز العصبي قادراً بشكل كامل على تحفيز العضلات، وفي الحركات الأكثر تعقيدا فإن الجهاز العصبي يواجه أيضا تحدي تنسيق تحفيز المجموعات العضلية أو العضلات ضمن المجوعة العضلية، وعليه فإن الشخص عندما يخضع لبرنامج تدريب قوة فإنه سيحصل على التكيف (اثر التدريب) في كل من العضلات (زيادة حجم العضلات) وفي الجهاز العصبي (تحسن التحفيز وتنسيق العضلات).
وأخيرا فإن الجهاز العصبي من اجل أن يسيطر على العضلات بشكل منسق يعتمد على سرعة الحركة ونوع الحركة فيما إذا كانت حركة ايزومترية (ثابتة)، أو (متحركة، مركزية أو لامركزية). وهنا سنتناول اثر تدريب القوة في قدرة الجهاز العصبي لتحفيز وتنسيق العضلات، ويسمى اثر التدريب على الجهاز العصبي بالتكيف العصبي .
التحفيز العضلي:
تتألف العضلة من آلاف الخلايا أو الألياف العضلية . فعضلة مثل (العضلة ذات الرأسين العضدية) في أعلى الذراع يمكن أن تحتوي على (300.000) ليف عضلي تقريبا، وجميع هذه الألياف العضلية يجب أن يتم السيطرة عليها من قِبل الجهاز العصبي ، ويتم ذلك بالطريقة التالية:
كل عضلة مزودة بمجموعة من الخلايا العصبية الحركية التي تسمى أعصاب حركية، للعصب الحركي جسم خلوي يكمن في الحبل الشوكي وليف عصبي يمتد من الحبل الشوكي إلى العضلة، إذ يتفرع هذا الليف العصبي داخل العضلة إلى مئات المرات وينتهي كل فرع في ليف عضلي، وبهذا الشكل يزود كل ليف عصبي حركي مئات من الألياف العضلية. مثلا إذا كانت العضلة (ثنائية الرؤوس العضدية) تحتوي على (300.000) ليف عضلي فإنها تتزود بـ (600) عصب حركي كل عصب حركي يزود بـ (500) ليف عضلي تقريبا.
ان مجموعة الأعصاب الحركية التي تزود عضلة ما تسمى في بعض الأحيان بالحزمة الحركية، أما العصب الحركي الواحد مع الألياف العضلية التي يزودها فيطلق عليه (الوحدة الحركية)، وهكذا فإن نموذج العضلة ثنائية الرؤوس يتألف من (600) وحدة حركية.
إن الوحدة الحركية هي الوحدة الوظيفية الأساسية للعضلة، فإذا كان المطلوب قوة صغيرة عندها سيتم تحفيز وحدات حركية قليلة، أما إذا كان المطلوب قوة اكبر عندها سيتم تحفيز وحدات حركية أكثر … وهكذا، إذ أنه كلما كانت القوة العضلية المطلوبة لرفع ثقل اكبر يتم تحفيز (تعزيز) وحدات حركية أكثر، وإن عدد الوحدات الحركية التي يتم تحفيزها يتحدد بمدى الإثارة من خلال مراكز اكبر من أجسام خلايا الأعصاب الحركية في الحبل الشوكي، مقدار هذه الإثارة يُحدد بدوره بواسطة مدى الجهد الإرادي .
إن الوحدات الحركية للعضلة يتم تحفيزها بشكل عام بأمر متعلق بالحجم (الحجم هنا يشير إلى حجم أجسام خلايا العصب الحركي). في الفعل العضلي الذي تتزايد فيه القوة من الصفر إلى الحد الأقصى فإن الأعصاب الحركية سوف يتم تحفيزها بالأمر من الصغير إلى الكبير.
وبما أن الأعصاب الحركية الصغيرة تحتاج إلى جهد اقل من اجل أن تتحفز فإنها سوف تتحفز أولا، فإذا كانت القوة المطلوبة صغيرة والجهد ضعيف فإنها ستتحفز لوحدها أما الجهد الإرادي الأقصى فإنه يكون ضروري لإثارة الأعصاب الحركية الأكبر .
إن إنتاج أقصى حد من القوة يتطلب تحفيز الوحدات الحركية جميعها، وفي بعض الحالات فإن التحفيز الكامل يكون أمراً صعبا لدى الأشخاص الذين لا يمارسون التدريب الرياضي، على سبيل المثال فإن تحفيز جميع الوحدات الحركية عند تحريك كلا الساقين أو الذراعين معا في الاتجاه نفسه يكون أصعب من تحريك ساق أو ذراع واحدة، لكن التدريب بواسطة الحركات الجانبية يمكن ان يساعد في التغلب على هذا العجز في تحريك كلا الجانبين من الأطراف، وبشكل خاص فإنه من الصعب تحقيق تحفيز كامل في الحركات الايزومترية (الثابتة) والحركات اللامركزية (المتحركة) إذ إن الظروف الميكانيكية تؤثر في ذلك بشكل كبير جدا، وتبين البحوث أن بعض أشكال الكبح يمكن أن تحد من حدوث التحفيز الكامل تحت هذه الظروف، من ناحية أخرى فإن تدريب القوة يمكن أن يسمح بالتغلب على الكبح بحيث أن الوحدات الحركية جميعها يمكن أن يتم تحفيزها.
معدل استجابة الوحدات الحركية:
بالإضافة إلى تحفيز الوحدة الحركية فإن هناك طريقة ثانية يسيطر من خلالها الجهاز العصبي على القوة التي تنتجها العضلة، إذ أن الجهاز العصبي يمكن أن ينظم القوة التي ينتجها كل ليف عضلي من خلال تعديل معدل استجابة الليف، يثير العصب الحركي أليافه العضلية من خلال إيصال الإشارات العصبية (السيّالات العصبية) عبر الليف والفروع العصبية المتفرعة منه، عندما تصل الإشارة العصبية نهاية الفرع العصبي فإنها تسبب مرسل عصبي يُطلق عند ارتباط نهاية الليف العصبي بالليف العضلي، هذه المرسلة العصبية تسبب نقل عضلي كامن يبدأ في نقطة الارتباط هذه ثم ينتقل هذا الفعل الكامن إلى نهايتي الليف العضلي وهذا الفعل الكامن يسبب انقباض العضلة.
إن قوة الانقباض العضلي لليف العضلي يعتمد على عدد الإشارات العصبية في الثانية التي يستقبلها من الليف العصبي الحركي، ومن ناحية العصب الحركي فإن عدد الإشارات العصبية التي يطلقها في الثانية تسمى (معدل الاستجابة)، بشكل عام كلما زاد معدل استجابة الوحدة الحركية كلما زاد من القوة التي تنتجها الألياف العضلية.
فإذا أطلق العصب الحركي إشارة واحدة فسيكون هناك انقباض عضلي قليل وبالتالي تكون القوة الناتجة صغيرة، من ناحية أخرى فإن العصب الحركي إذا أطلق (50-60) إشارة في الثانية فإن الانقباض العضلي سيؤدي إلى إنتاج قوة كبيرة.
إن الوحدة الحركية الأنموذجية تمتلك معدل استجابة يمثل (5-50) إشارة في الثانية والذي يمكن أن يوفر معدل عشرة أضعاف ناتج القوة، وهكذا فإن الجهاز العصبي يمكن أن ينظم القوة من خلال تعديل القوة التي تنتجها كل وحدة حركية بالإضافة إلى انه ينظم القوة من خلال تعديل عدد الوحدات الحركية المحفزة.
في الجهد الواطئ فإن هناك انقباضات قليلة ووحدات حركية قليلة سوف تتحفز بمعدلات واطئة تقريبا، أما الانقباضات الأقوى فإنها تتطلب تحفيز وحدات حركية أكثر وزيادة في معدل استجابة هذه الوحدات الحركية.
لقد أشرنا مسبقاً أن الأشخاص الذين لم يمارسوا التدريب الرياضي يجدون صعوبة في تحفيز جميع الوحدات الحركية عند بذل أقصى جهد إرادي بشكل خاص فإن الوحدات الحركية ذات الأجسام الخلوية الأكبر تكون هي الأصعب في التحفيز كما أن من الصعب جعل الوحدات الحركية الأكبر تصل إلى أقصى معدلات استجابتها، لكن بالتدريب يمكن التغلب على هذه الصعوبة ويكون بالإمكان إنتاج قوة اكبر.
إن الجهاز العصبي لا ينظم مقدار القوة الناتجة فحسب بل يعدل معدلات استجابة الوحدة الحركية أيضاً كما انه ينظم المعدل الذي تنتج به القوة، عندما تستلزم القوة المطلوبة إنتاج قوة بشكل سريع جدا (مثل القفز أو الرمي) فإن الجهاز العصبي سيثير الأعصاب الحركية لتستجيب بوقت قصير بمعدلات عالية جدا، مثلا يمكن للوحدة الحركية أن تحقق أقصى حد من القوة بمعدل استجابة مقداره (50) إشارة في الثانية لكن لتحقيق هذه القوة بأسرع وقت ممكن فإن معدل الاستجابة الابتدائي يكون (100) إشارة في الثانية.
إن التدريب الذي يؤكد على أداء حركات سريعة يمكن أن يطور القدرة (القوة والسرعة) على استجابة الوحدات الحركية بمعدلات عالية جدا وبهذه الطريقة يزيد معدل تطور القوة، وفي تدريب القوة يجب ملاحظة سرعة استجابة التدريب، فالتدريب الذي يؤكد على إنتاج قوة سريعة يميل إلى زيادة سرعة القوة الناتجة (القوة المميزة بالسرعة)، في حين إن التدريب الذي تكون فيه الحركات بطيئة ينبغي أن يزيد القوة واطئة السرعة.
التنسيق العضلي:
يتطلب إنجاز القوة القصوى التحفيز الأقصى للعضلات إذ يجب أن تكون عمل العضلات منسق بشكل فعال، ويتحقق التنسيق الفعال بين المجموعة العضلية بين العضلات ضمن المجموعة العضلية وحتى بين الوحدات الحركية ضمن العضلة الواحدة.
واعتماداً على الحركة فإنه يمكن أن تحفز بعض المجاميع العضلية وبعض العضلات ضمن مجموعة عضلية وبعض الوحدات الحركية ضمن العضلة، على سبيل المثال تستخدم ثلاث عضلات (العضلة ثنائية الرؤوس) و(العضلة العضدية) و(العضلة العضدية الكعبرية) لثني المرفق إذ يتأثر تحفيز العضلة ثنائية الرؤوس والعضلة العضدية الكعبرية بوضع الساعد، وفي الحد الأقصى من الجهد فإن العضلة العضدية الكعبرية تكون الأنشط في الوضع الوسط بين الكـب والبطح، في حين إن العضلة ثنائية الرؤوس تكون هي الأنشط في وضع البطح، يمكن ملاحظة إن الجهاز العصبي يجب أن ينسق العضلات التي تثني المرفق بشكل ملفت في تمرين الكيرل (Curl exercise) اعتمادا على وضع الساعد، وهذا يؤثر أيضاً على استجابة التدريب من حيث تعزيز أنموذج التحفيز الخاص وفي زيادة حجم العضلة.
أما بالنسبة للعضلات التي يمكن أن تشترك في أكثر من مهمة فإن بعض الوحدات الحركية ضمن العضلات يمكن أن تحفز لمهمة معينة، مثلا العضلة (ثنائية الرؤوس العضدية) يمكن أن تشترك في ثني المرفق وفي بطح الساعد، وفي الثني فإن الوحدات الحركية التي تقع أليافها العضلية في الجزء الجانبي من الرأس الطولي للعضلة (ثنائية الرؤوس) هي التي تتحفز، أما في البطح فإن (الوحدات الحركية) التي تقع في الجزء الوسط هي التي تتحفز.
إن الزيادة في القوة تكون خاصة لنموذج حركة تمرين التدريب، مثلا إذا تدرب شخص لمدة (8 أسابيع) باستخدام تمرين رفع الثقل من وضع القرفصاء فإن القوة تزيد بنسبة (75%) في أداء هذا التمرين (القرفصاء). وعلى العكس فإن اختبار قوة الساق باستخدام حركة غير مألوفة مثل مد الركبة الايزومتري يمكن أن يؤدي إلى تحسن قليل جدا وربما قد لا يحدث أي تحسن.
إذ أنه كلما كانت الحركة الرياضية مماثلة أكثر للحركة الايزومترية عندها سيكون هناك نتائج جيدة من ثمار التدريب.
إن خصوصية نموذج الحركة يتضمن أهمية جعل تمارين التدريب مماثلة قدر الإمكان للحركات الرياضية.
أهمية التكيف العصبي:
إن العضلات الكبيرة لرافعي الأثقال ولاعبي بناء الأجسام هي شاهد على أهمية التكيف العضلي في الاستجابة إلى تدريب القوة، العامل المهم الآخر هو على الرغم من عدم القدرة على رؤيته هو التكيف العصبي الذي ناقشناه، في المرحلة المبكرة من برنامج تدريب القوة فإن (التكيفات العصبية) تظهر كلما تعلم المدرب التحفيز الكامل والتناسق للعضلات، ومن ثم فإن زيادة حجم العضلات يظهر كتكيف رئيس، وفي المراحل المتقدمة من التدريب يصبح من الصعب زيادة الكتلة العضلية وبالتالي القوة، في هذه المرحلة فإن بعض المتدربين يلجئون إلى تناول مواد بنائية (المنشطات) لإضافة المزيد من الحجم للعضلة.
admin- المدير العام
- عدد المساهمات : 1183
نقاط : 8981
تاريخ التسجيل : 18/05/2009
العمر : 35
الموقع : stars28.yoo7.com
الاوسمة
مشرف: مشرف عام
مراقب: 500
المشرفون: 100
منتديات نجوم مسيلة :: منتدى علوم وتقنيات النشاطات البدنية والرياضية :: قسم التربية البدنية والرياضية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى